رام الله – المواطن
تحدثت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، صباح اليوم السبت ، عن العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة التي تم تنفيذها بمدينة نابلس والتي خلفت نحو الـ11 شهيداً وعشرات الإصابات، وما كشفته تلك العملية من نهج تنوي قيادة الاحتلال الذهاب إليه.
وقالت الصحيفة، إن “المواجهات الدامية في نابلس قبل أيام ومحطّات سابقة مشابهة في جنين وغيرها كشفت أكثر من رسالة متّصلة بحافزية المقاومين الفلسطينيين من جهة، واستمرار تحوّل الضفة الغربية المحتلّة إلى ساحة اشتباك نشطة وفاعلة، من جهة أخرى”.
وأضافت أنه “في المقابل، أنبأت المجزرة التي ارتكبتْها قوّات الاحتلال في البلدة القديمة، بمحاولة حكومة بنيامين نتنياهو حرْف اهتمامات الرأي العام الإسرائيلي عن القضايا الخلافية الداخلية، عبر سفك دماء أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين. وفي الصورة الأعمّ، تأتي المجزرة في سياق خيار عمليّاتي، من الواضح أن قيادة الاحتلال باتت أكثر اعتماداً عليه، أخذاً بتقدير “شعبة الاستخبارات العسكرية”، في تقريرها الاستراتيجي السنوي، أن “الضفة وقطاع غزة يشكّلان أحد أضلاع المثلّث (إلى جانب الاتّجاهات العالمية وإيران) الذي ينبغي أن يهيمن على أولويات القيادتَين السياسية والعسكرية”.
وتابعت الصحيفة “وفي هذا السياق، يَجري تكثيف العمل على الغزوات الخاطفة ضدّ المقاومين، والسعي لجبْي أثمان مؤلمة من حاضنتهم الشعبية، وهو ما عبَّر عنه وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، بقوله “إنّنا سنعمل بيد قاسية تجاه الإرهابيين ومُرسِليهم، هذا ما كان قبل أسابيع في جنين وفي نابلس، وهذا ما سيكون في كلّ قطاع من المطلوب العمل فيه”، في موقف يُؤشّر إلى أن ما جرى ليس حالة عابرة، وإنّما جزء من نهج تصعيدي بدأ تفعيله”.
وأكدت الصحيفة، أن “هذا النمط من الاعتداءات، يؤشّر إلى أن فُرص تنفيذ عمليات يتمّ خلالها اعتقال مقاومين عبر وحدات المستعربين، مِن مِثل يمام ودوفدفان، أصبحت ضيّقة جداً. ولذا، وعلى الرغم من أن الاحتلال يمكن أن يتحدّث عن نجاح تكتيكي من خلال قتل وجرْح العشرات من المدنيين والمقاومين، إلّا أن هذه النتيجة إنّما تعبِّر عن منظور ضيّق وسطحي وخطير حتى بالمعايير الإسرائيلية، بخاصّة وأن الردّ على مجزرة مخيّم جنين لا يزال حاضراً في الوجدان العام”.
وأشارت إلى انه “يُضاف إلى ما تَقدّم، أن كلّ عملية اقتحام يبدأها الاحتلال مستهدِفاً مطلوبين، باتَت تتحوّل إلى مواجهة قاسية يتحوّل فيها المقاومون إلى أيقونات، فيما تتلطّخ صورة الجيش الإسرائيلي بمزيد من الجرائم المرتكَبة بحقّ المدنيين في بلدات ضيّقة ومكتظّة كالبلدة القديمة، وفي وضح النهار”.
وأضافت الصحيفة، أنه “على رغم ما تَقدّم، يستمرّ الاحتلال في تنفيذ مِثل هذه العمليات، مستنداً، على ما يبدو، إلى تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن المقاومة في قطاع غزة ليست في وارد الدخول في تصعيد عسكري واسع في هذه المرحلة”.
ونوهت إلى أن “بعض التجارب السابقة أثبتت أن تلك التقديرات قد لا تصيب دائماً؛ إذ إن استمرار تدحرُج الأوضاع الميدانية قد يدفع في نهاية المطاف إلى انفجار كبير، يَجري في خلاله استهداف العمق الإسرائيلي”.
وفي هذا الإطار، حذّر رئيس شعبة “الاستخبارات العسكرية” (أمان) السابق، اللواء عاموس يدلين، من أن “جميع الجبهات لديها إمكانية الاشتعال”، لافتاً إلى أن “حركة حماس لديها أيضاً خطوط حمراء”.
واعتبر يدلين “أنه إذا لم تكن العملية في نابلس غير مبرَّرة، فقد كانت “خطوة مبالغاً فيها”، في إشارة إلى أنها تشكّل عامل تزخيم ودفْع نحو انفجار واسع في الضفة، وقد تستدرج ردوداً من المقاومة في غزة”.
وقالت “في الاتّجاه نفسه، يواصل سياسيون وخبراء وإعلاميون التحذير من أن مُواصلة الاعتداءات الدموية، مع اقتراب شهر رمضان، قد تؤدّي إلى انزلاق الأمور إلى تصعيد شامل، وهو ما لا تريده إسرائيل، في هذه المرحلة على الأقلّ”.
وأشارت إلى أنه “مما يعزز الخطورة التي ينطوي عليها التصعيد الإسرائيلي الحالي، هو أنه يقترن بارتفاع منسوب الغليان في الساحة الإسرائيلية الداخلية، والذي استدعى سلسلة محادثات أجراها رئيس الشاباك رونين بار، مع كبار المسؤولين في الائتلاف والمعارضة، ودعاهم فيها إلى العمل على تهدئة الأوضاع، محذّراً إياهم من أن “الاحتجاجات بلغت وضعاً متفجّراً، وتقترب من نقطة الغليان التي تُعرّض استقرار إسرائيل للخطر”.