جنين – المواطن
“كنت أحس أنني أختنق وأنفاسي تضيق، حين اقترب مني أحدهم وبيده خنجر، محاولا قطع يدي لحماية كلب”، تقول فاطمة الحج صالح، من مخيم جنين، التي لا تزال تتعافى من إصابتها جراء عضة كلب بوليسي يتبع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، هاجمها في منزلها بالمخيم، الذي تعرض لعدوان إسرائيلي، يوم الإثنين الماضي.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد شنت عدوانا عسكريا على مخيم جنين للاجئين فجر الإثنين الماضي 3 تموز/ يوليو، أدى إلى استشهاد 12 شخصا، بينهم 5 أطفال، فيما أصيب 140 شخصا، بينهم 30 إصاباتهم خطيرة، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في المخيم، وإلحاق أضرار في منازل المواطنين.
وأطبق الكلب البوليسي أنيابه، على ذراع فاطمة صالح، واستمر في عضّها لـ15 دقيقة، ولم تفلح محاولات جنود الاحتلال في إبعاده عنها؛ وفي ما يتعلّق بذلك، أكّدت فاطمة أن محاولات الجنود “كانت محاولات ناعمة، لأنهم كانوا يخشون على حياة الكلب”.
وفي قسم العظام في مستشفى جنين الحكومي، كانت ترقد فاطمة (58 عاما)، على السرير، وقد لف الأطباء ذراعها بالشاش الطبي من بداية أصابع يدها، وحتى مرفقها، بعد أن أجرت عملية جراحية مستعجلة، جراء ما أحدثته “عضة الكلب” من آلام.
وسردت فاطمة تفاصيل الجريمة التي ارتكبت بحقا، وقالت: “كنت في المنزل مع شقيقتي حين اقتحمت قوة كبيرة من جنود الاحتلال المنزل، وفور دخولهم أفلتوا كلبا كان معهم صوبي، هاجمني بقوة وعض ذراعي، صرخت كثيرا لكن دون جدوى، واستمر في عض ذراعي، وفي الظاهر حاول ثلاثة جنود إبعاد الكلب عني، لكنها كانت محاولات ناعمة، لأنهم كانوا يخشون على حياة الكلب”.
آنذك، استمرت محاولات الجنود في إبعاد الكلب البوليسي لكنه استطاع التغلب عليهم، وأطاح بأحدهم أرضا، وهو يحاول فتح فكه لإبعاده عن ذراع فاطمة.
“حاولوا قطع ذراعي”
وقالت فاطمة: “صرخت كثيرا وبكيت نتيجة الألم الرهيب، وكنت خائفة أيضا، وكانت أختي تصرخ فيهم ليبعدوا الكلب عني، حينها تقدم أحد الجنود، وأخرج من جيبه خنجرا، وأمسك ذراعي محاولا قطعها”.
وصرخت فاطمة وشقيقتها بقوة لمنع الجندي من تنفيذ فعلته، فتدخل جندي ثالث وفتح فم الكلب ببطء حتى استطاع إفلات ذراعها من بين أنيابه.
وأضافت: “فضّلوا قطع يدي على ضرب الكلب، أو قتله بالسكين، أو حتى إيذائه”.
وبعد إبعاد الكلب عنها، أخرج جنود الاحتلال فاطمة الحج صالح وشقيقتها خارج المنزل. هناك، أجلسوهما في ساحة مكشوفة لقناصتهم المنتشرين على أسطح البنايات، بين منزلها ومنزل جيرانها.
كان يُتوقَّع أن تُبتَر يدها
بتحامل على نفسها تكمل الحج صالح سرد القصة، فيما يتدخل زوجها بين الحين والآخر لتعديل جلستها، أو وضع وسادة تحت ذراعها المصابة، تقول إنها بقيت في الساحة وشقيقتها من الساعة العاشرة صباحا، حتى وقت متأخر من مساء الإثنين، دون أن يسمحوا لها بالتحرك، كما منعوا سيارات الإسعاف من الوصول إليها.
ووصلت فاطمة في اليوم الثاني من انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المخيم، لغرفة طوارئ المستشفى الحكومي في جنين، في اليوم التالي، وكانت يدها منتفخة جدا، ولونها يميل للزرقة، وجرى إعطاؤها كميات من المضادات الحيوية لتخفيف الالتهاب الحاصل فيها، فيما توقع طبيب الطوارئ المناوب حينها، أن ذراعها قد تحتاج إلى بتر لإنقاذ حياتها.
وتعاني الحج صالح من مرض السكري، الذي يسبب التهابات في الجروح ما يؤخر التئامها وشفائها، وبشهادتها على ما جرى، تقول إنها لم تكن الوحيدة التي تعرضت لهجوم من الكلاب البوليسية المرافقة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو أيضا ما تثبته شهادات حية من سكان المخيم يومي العدوان، وما ورد في مقاطع تسجيل صوتية وصلت لمجموعات الأخبار على الهواتف.