قال معهد أريج ان سلطات الاحتلال في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2023 اصدرت أمرا عسكريا جديدا تعلن فيه استحواذها على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.
وافاد المعهد في تقرير له، “انه وبحسب الامر العسكري الإسرائيلي الصادر, فأن سلطات الاحتلال تنوي الاستيلاء على 85 ألف دونم في المنطقة الشمالية والغربية للبحر الميت (قبالة شواطئ البحر الميت)، بذريعة تصنيفها على انها محمية طبيعية.
كما أعلنت سلطات الاحتلال بأن بدء سريان هذا الامر العسكري 60 يوماً من تاريخ نشره، الذي وافق في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني من العام الحالي.
تجدر الإشارة إلى أن الإعلان الإسرائيلي الصادر يستند إلى أمر عسكري قديماً صدر في الثلاثين من شهر آب من العام 1990 ويحمل رقم 51/19، والذي يضع المنطقة تحت تصنيف محمية طبيعية بحسب الذريعة الإسرائيلية.
وقال تقرير معهد اريج انه في حقيقة الامر ان هذا الاجراء الاسرائيلي ليس بالجديد وهو اجراء تتبعه اسرائيل منذ عقود من الزمن في سبيل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وعلى وجه الخصوص المنطقة المحاذية للبحر الميت من النواحي الشمالية والغربية.
واضاف التقرير “في شهر تموز من العام 2009 قامت جهات اسرائيلية بنشر إعلانات طلب تسجيل 139,000 دونماً تقع قبالة شواطئ البحر الميت الشمالية والغربية، حيث جاء في طلب التسجيل المقدم مما يسمى بحارس أملاك الدولة الإسرائيلي بأن يتم تقديم اعتراضات من أي شخص أو جهة متضررة من الطلب مع العلم التام بان اي اعتراضات ستقدم بهذا الشأن لن تقبل من جانب الاسرائيليين الذين يعتبرون انفسهم الورثة الشرعيين لكافة الاراضي التابعة للدولة”.
وبحسب التحليل الجغرافي الذي أجراه معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) للخرائط المرفقة تبين أن الأمر العسكري الإسرائيلي الجديد هو جزء لا يتجزأ من الإعلان الصادر في العام 2009 الامر الذي يظهر النوايا الإسرائيلية المبيتة فيما يخص المنطقة.
وتابع التقرير “كما أن الأراضي المستهدفة في الإعلان الإسرائيلي الصادر هي أراضي تقع ضمن تصنيف ما يسمى منطقة 39; وهي مناطق تقع تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة بحسب ما جاء في اتفاقية أوسلو المؤقتة والموقعة في شهر أيلول من العام 1995 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل حيث تسعى إسرائيل منذ عقود الى اعادة تعريف الوضعية القانونية لتلك الاراضي من أراضي دولة كما كانت وضعيتها ابان الحكم الاردني للمناطق الفلسطينية ومن ثم اراضي متروكة و تابعة للدولة المعادية، واعادة تعريفها اما كأراضي دولة أو أراضي محميات طبيعية وغيرها من المسميات التي تتبع لدولة الاحتلال الاسرائيلي.
وترمي إسرائيل من وراء ذلك إلى استباق أية مفاوضات مستقبلية مع الجانب الفلسطيني على تلك الاراضي و المصنفة.
وذلك بغرض الاحتفاظ بالسيطرة على جزء منها او المقايضة عليها للحصول على مكاسب في مناطق اخرى وتحديدا في المناطق الواقعة ما بين جدار العزل العنصري و الخط الاخضر ( خط الهدنة للعام 1949).
كما تجدر الاشارة الى أن الحقوق المائية الفلسطينية لاستغلال البحر الميت سواء على الصعيد التجاري، الاستثماري أو الترفيهي قد تم الغاؤها من قبل اسرائيل بالرغم ما تم الاتفاق بشأنه حول هذا الموضوع في اتفاقية اوسلو. حيث انه اليوم وعلى خلفية ما تدبره اسرائيل هناك، فان ما تسعى اليه دولة الاحتلال في المنطقة من شأنه أن يقضي على أي فرصة مهما كانت ضئيلة، يستطيع من خلالها الفلسطينيون التمتع بها هناك، حيث سيكون الامر بالنسبة لإسرائيل منتهي.
وبعبارة اخرى، فان نجاح اسرائيل بإعادة تصنيف الاراضي المستهدفة من اراضي &39; الى اراضي محمية طبيعية أو حتى أراضي دولة من شأنه أيضا أن يضيع حقوق الفلسطينيين في البحر الميت ضمن المفاوضات المستقبلية لكي يتحول هذا الامر من موضوع حقوق الى موضوع استجداء ومساومات.
ويأتي هذا الامر العسكري الإسرائيلي الجديد أيضا متمما لأمر عسكري إسرائيلي اخر كان قد صدر في الرابع والعشرين من شهر نسيان من العام 2022, بشأن اعلان مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية جنوب مستوطنة ألموج الجاثمة على أراضي محافظة أريحا (ما مساحته 21,959 دونما) على انها محمية طبيعية تحت مسمى “ناحل أوغ” (وادي مكلك) الامر الذي يعزز الفصل الجغرافي في المنطقة اذ يرتبط الامر العسكري الإسرائيلي الجديد والامر الصادر في العام 2022 مع جدار العزل العنصري حول تجمع مستوطنات &39; شرق مدينة القدس والذي تسعى اسرائيل الى ضمه الى مدينة القدس المحتلة و بالتالي الى اسرائيل.
وسيتم استكمال عملية الفصل ما بين شمال وجنوب الضفة الغربية من الجدار ومن معاليه ادوميم وحتى البحر الميت مما سيكرس عملية الفصل الجغرافي التام وبالتالي لن تكون هناك فرص للتواصل الجغرافي ما بين الشمال والجنوب الامر الذي من شانه ان يلغي امكانية اقامة دولة فلسطينية تتمتع بالسيادة والتواصل الجغرافي وهذا ما سعت اليه اسرائيل منذ البداية بان تحد من الوجود الفلسطيني والدولة الفلسطينية المستقبلية في معازل وكانتونات منفصلة عن بعضها البعض.