المواطن :
لى الرغم من أن النظام الأمني الخاص بـ”آبل” كان يشفر الكثير من البيانات تلقائيا في وقت سابق، إلا أنّ النسخ الاحتياطية للجهاز بما تتضمنه من جهات اتصال ورسائل نصية وغيرها من البيانات الهامة الأخرى لم تعتمد لطالما تميزت شركة “آبل” المختصة بالصناعات التكنولوجية وعالم الرقميات باهتمامها الشديد بخصوصية عملائها وأمنهم السيبراني، ولطالما توجهت أنظار مبرمجيها المحترفين نحو أكثر الوسائل المتقدمة التي تضمن حفظ بيانات العميل وحمايتها من الاختراق بشتّى الوسائل. وهذا ما زاد من شعبية “آبل” في الأوساط التقنية خلال العقدين الأخيرين إلى حد كبير، لتصبح اليوم واحدة من أقوى الشركات المنافسة في مجال الصناعات الرقمية والأجهزة الذكية.
كثيرا ما تتحفنا “آبل” بمميزات جديدة ومبتكرة عند إصدارها لتحديثاتها الجديدة التي تصب في صالح خدمة العميل وضمان راحته وسعادته أثناء تعامله مع جهازه الذكي “آيفون” أو “آي باد”.
وفي هذا السياق، أصدرت الشركة ميزتها الجديدة في مجال الخصوصية وأمن المعلومات، والتي تخص الحماية الشاملة للبيانات المخزنة سحابيا على (icloud)، فما هي هذه الميزة؟ وما الذي أضافته على خصوصية العميل؟ وماذا كانت ردود الأفعال عليها؟
آبل والخصوصية
اعتمدت “آبل” على الدوام على ميزات حماية الخصوصية كأهم عاملٍ لجذب العملاء الراغبين بحماية بياناتهم لأقصى حدّ، سواء الوسائط كالصور والفيديو وكلمات مرور الحسابات وحتى المكالمات والرسائل النصية. لذلك عمدت دوما على تطوير وتحسين مميزات حماية الخصوصية في كل تحديث تطلقه الشركة لأنظمة تشغيل (IOS) التي تعمل بها أجهزة “آبل” كالآيفون والآيباد.
ولعلّ (Apple store) يعدّ شاهدا قويا على سياسة الخصوصية لدى الشركة، فهي تحظر عملاءها من تحميل أيّ تطبيق من مصدر غير موثوق بشكل شبه تام، وبدلاً من ذلك، جعلت (Apple store) المتجر الوحيد المعتمد الأكثر موثوقية لتحميل التطبيقات المختلفة.
بالإضافة لذلك، تمنع الشركة مستخدمي أجهزتها من إرسال أو استقبال أيّة ملفات مع جهاز لا يعمل بنظام التشغيل الخاص بآبل، ولعلّ هذه الميزة كانت محطّ هجوم واستحسان في الوقت نفسه، ففي نفس الوقت الذي زادت فيه هذه الميزة من حماية أجهزتها من الاختراق، شعر بعض زبائن “آبل” بأن هذه الميزة تقيدهم وتعزلهم عن عالم المشاركة المفتوح.
ورغم ذلك تبقى “آبل” إحدى أعظم شركات التقنية المتربعة على عرش الأسواق العالمية لما تتميز به صناعاتها من الجودة والإتقان سواء في الخصوصية أو غيرها، كجودة كاميراتها ومعالجاتها وتطور أنظمة تشغيلها، وهذا ما يجعلها واحدة من أغلى الأجهزة الذكية ثمنا.
ما هي ميزة الحماية المتقدمة للبيانات (ميزة التشفير الكامل)؟
(Advanced data protection) أو الحماية المتقدمة للبيانات، ميزة أطلقتها شركة “آبل” حديثا ضمن تحديث نظامها (ios) بالإصدار 16.2، تمنح مستخدميها إمكانية التشفير التام للبيانات المخزنة تخزينا سحابيا على (icloud)، وقد جرى العمل على إطلاق هذه الميزة بعد أن أعلنت “آبل” عن رغبتها بزيادة مستويات الحماية والخصوصية لعملائها.
على الرغم من أن النظام الأمني الخاص بـ”آبل” كان يشفر الكثير من البيانات تلقائيا في وقت سابق، إلا أنّ النسخ الاحتياطية للجهاز بما تتضمنه من جهات اتصال ورسائل نصية وغيرها من البيانات الهامة الأخرى لم تعتمد على التشفير ثنائي الأطراف، أي أنها لم تكن مشفرة بين طرفي الاتصال.
بالتالي فإنّ الجديد في هذه الميزة التي تنوي “آبل” إطلاقها أنها تحجب الوصول إلى بيانات النسخ الاحتياطية سواء من قبل المخترقين أو أجهزة الدول الاستخباراتية وحتى مخدمات الشركة نفسها، و هكذا ستوفر هذه الخطوة عنصري الخصوصية والأمان لدى المستخدمين بدرجة لم يشهدوها من قبل من خلال اعتماد تشفير المعلومات من طرف إلى طرف، أي بين المرسل والمستقبل فقط.
ومن الجدير بالذكر أن ميزة الحماية المتقدمة للبيانات تشفر 14 فئة من المعلومات من بينها الصور وكلمات المرور وحتى المعلومات الشخصية الخاصة بالمستخدم.
أصداء الرأي العام حول ميزة الحماية المتقدمة
يقول رئيس هندسة الأمان والهندسة في “آبل”، إيفان كرستيتش، إنّ هذه الميزة الجديدة تمنح المستخدمين حماية للغالبية العظمى من بيانات (iCloud) الأكثر حساسية من خلال التشفير ثنائي الأطراف بحيث لا يمكن فكّ هذه الخصوصية إلا من قبل أجهزتهم الموثوقة.
وعلى الرغم من احتفاء “آبل” بهذه الميزة، إلا أنها وعلى صعيدٍ آخر أثارت استياء العديد من الجهات ولا سيما الجهات الحكومية الاستخباراتية والمؤسسات الدولية المعنية بالأمن الدولي والقومي، حيث أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي استنكر هذه الميزة، مشيرا إلى كونها ستعيق قدرتهم على حماية الشعب الأميركي من الأعمال الإجرامية طبقا لما نقلته صحيفة (wall street).
وبشكلٍ عام فإن ميزة التشفير ثنائي الأطراف غير مرحّب بها في الأوساط القانونية كونها تعيق السلطات من القيام بإجراءات التحقيق والتحري والبحث عن الأدلة بما يخدم الوصول إلى المشتبه بهم وملاحقتهم.
يشمل نظام الحماية الجديد المحافظة على سرّيّة بيانات المستخدمين في حسابات (iCloud) من شركة “آبل” نفسها، فهو يمنع مخدّمات الشركة من الوصول إلى نسخ الملفات الاحتياطية للمستخدمين، وبالتالي حماية بيانات العملاء حتى في حال اختراق الشركة، وهذه ما أثار موجة غضب عارمة لدى الجهات والمؤسسات التي تملك سلطة إنفاذ القانون.
ميزة الحماية المتقدمة للبيانات
أعلنت شركة “آبل” أنّ نظام التشفير الجديد متوفر حاليا لدى أعضاء البرنامج التجريبي في الشركة (Apple Beta Software)، ومن المحتمل أن يصل إلى مستخدمي هواتف آيفون في الولايات المتحدة الأميركية بحلول نهاية العام الحالي 2022، وبحلول عام 2023 سوف يكون النظام متاحا لدى جميع مستخدمي آيفون في جميع أنحاء العالم.
ستكون قادرا على تفعيل ميزة الحماية المتقدمة للبيانات بالدخول إلى الإعدادات الخاصة بجهازك الآيفون ثم الضغط على خيار (Apple ID) أعلى الشاشة، ثم من نافذة الخيار (iCloud) ثم مرر للأسفل وانقر فوق (حماية البيانات المتقدمة).
ممّا يُذكر أنّ “آبل” اعتمدت نظام التشفير المتقدم من طرف إلى طرف سابقا في عدة تطبيقات منها “آي مسج” تطبيق المحادثة الخاص بأجهزة آبل و”واتس آب” وغيرها من التطبيقات الأخرى. ويذكر أنّ إجراء الحماية المتقدم هذا جاء كضرورة ملحّة بعد العديد من شكاوى الاختراق التي تلقّتها الشركة من قبل عملائها.
فوفقا لما ذكره الخبراء على موقع “آبل” الرسمي، فإن عمليات الاختراق وانتهاك الخصوصية وسرقة البيانات تزايدت 3 أضعاف بين عامي 2013 و 2021، مما استدعى دقّ ناقوس الخطر والبحث عن إجراءات جديدة تخدم أمان العملاء وخصوصية بياناتهم.